![]() |
فيلم "مقسوم" .. وقفة ستات لتعزيز البطولات النسائية |
في حالة وجود فيلم كوميدي بطاقم ممثلين يضم ليلى علوي، شيرين رضا، وسماء إبراهيم، يصبح من الواضح أن فيلم "مقسوم" يعتبر تحدٍ جريء، نظرًا لتسليطه الضوء على بطولات نسائية. يُظهر الفيلم هذا التوجيه في ظل جمهور يفضل عادة البطولات الذكورية. ومع ذلك، يأتي هذا الوقت كفرصة مثالية للاستفادة من نجاح ليلى علوي الأخير في شباك التذاكر، بدايةً من "شوجر دادي" وصولاً إلى حققت إيرادات تجاوزت 240 مليون جنيه مصري في 9 أسابيع عرض في المملكة العربية السعودية.
تدعو قصة فيلم "مقسوم" تلقائيًا إلى المقارنة مع فيلم "وقفة رجالة"، الذي أخرجه هيثم دبور، نفس المؤلف. يدور الفيلم حول مجموعة من الرجال في الستينات يجتمعون بعد سنوات في رحلة إلى مدينة ساحلية لمساعدة أحدهم في التغلب على أزمة نفسية بعد وفاة زوجته. في المقابل، يأخذنا "مقسوم" في رحلة إلى أسوان حيث تعود فرقة غنائية نسائية إلى الواجهة. تضم "هند" (ليلى علوي)، "إيمي" (شيرين رضا)، و"رانيا" (سماء إبراهيم)، ويجتمعن مجددًا بعد انقضاء 30 عامًا، لاستحضار مسيرتهن الفنية في ليلة واحدة فقط. يتناول الفيلم التحديات التي واجهتهن والخلافات التي أثرت على تعاونهن، مما جعل العمل المشترك أمرًا شديد الصعوبة.
فيلم "مقسوم" يقدم أداءً مميزًا من قبل نجماته ليلى علوي، سماء إبراهيم، وشيرين رضا. تظهر الفروقات الواضحة بين قصتي الفيلم، وهذا يمنح هيثم دبور مرونة في تجنب الانتقال المباشر من إحدى الأعمال إلى الأخرى، خاصةً مع كون "وقفة رجالة" من تأليفه، مما يخوله حق استخدام نفس النمط. ومع ذلك، يظهر أن "مقسوم" قد يواجه تحديًا في المقارنة مع "أحلى الأوقات"، الذي قدم تناولًا أعمق لقضايا المرأة. الأخير يتناول قصة لم الشمل بين ثلاث صديقات بعد 14 عامًا، ويبرز بشكل خاص برؤية خالية من وجهة النظر الذكورية، بتوقيع وسام سليمان وإخراج هالة خليل.
لا يعني ذلك أن هيثم دبور أهمل كتابة الشخصيات أو أن المخرجة كوثر يونس لم تُضف لمسة نسائية. بل، يظهر تفادي رسم النساء بشكل مثالي كملائكة دون دراية بالجوانب الأخلاقية. يُظهر الفيلم جرأة في تناول حياة البطلات والمزاح بشكل مباشر حول قضايا حساسة، ولكن يبدو أن هذا التناول كان سطحيًا أحيانًا، وهو ما يمكن تبريره بالطابع العام للكوميديا التي تهدف لتكون خفيفة وممتعة.
العيب الرئيسي في سيناريو "مقسوم" يكمن في تجاهله لإحدى الخطوط الرئيسية، حيث يتناسى السبب الرئيسي وراء قبول النساء الثلاث للاجتماع وتنظيم حفل لم الشمل. السبب هو رغبة المخرج (عمرو وهبة) في تصوير العرض لاستخدامه في فيلمه القادم دون علم الفنانات. يظهر كفاح المخرج من أجل فيلمه كجزء هام، ولكن لا يتلقى الاهتمام الكافي لتوضيح نتيجة أفعاله الأخلاقية، وهو ما يظهر بشكل غير كافٍ في تطور الحبكة، حيث لا يعلم المطربات بتواجدهن في الفيلم، ومصيرهن يظهر فقط في لقطة في المونتاج الأخير.
![]() |
فيلم "مقسوم" .. وقفة ستات لتعزيز البطولات النسائية |
تألق عمرو وهبة وسارة عبد الرحمن في فيلم "مقسوم"، حيث نجحت المخرجة كوثر يونس في التعامل مع اللحظات العاطفية بحذر، مما منح الفيلم جاذبية وتأثيرًا يتجاوز النبرة المرحة الأصلية. بالمقارنة مع "وقفة رجالة"، يظهر أن الفيلم الأخير يميل إلى التأرجح بين المشاهد الفكاهية واللحظات الحزينة بشكل لا يتناسب، مما يؤدي إلى فقدان التماسك. بالمقابل، يضع "مقسوم" التحديات التي تواجه الشخصيات في سياق يسمح للفيلم بالحفاظ على جو فكاهي، ويساعد في ذلك استخدام الموسيقى المهدئة لخالد الكمار.
على الرغم من زيادة الكاريزما والعفوية بين سما إبراهيم وهاني خليفة، يظل التفاعل مع الثلاثي صعبًا مع استمرار شيرين رضا في تقديم دورها المعتاد كـ "الديفا" المتكبرة. يبدو أنه حان الوقت لتوجيه انتباهها نحو اختيارات أدوار جديدة بدلاً من الاستمرار في نفس السياق النمطي. ومع ذلك، يجدر بالذكر أن "إيمي" تظهر كبطلة لإحدى المشاهد المفضلة، حيث تشارك في لقاء صحفي مع مراسل غير محترف، يبدأ الحوار بسؤاله "عرفنا بنفسك"، لترد بطريقة طريفة قاطعة "يعني انت جاي تصور معايا وانت مش عارفني؟"، في لحظة تلقي الضوء بفكاهة هيثم دبور على واقع صحافي مشابه لتجربة الفنانة سميرة عبد العزيز في مهرجان الإسكندرية السينمائي. يبرز الذكاء في استغلال هذه الواقعة للتعبير عن انهيار شخصية امرأة ذات ذات قوية، ويظهر أن هذا ليس فقط استسهالًا بل تعبيرًا عن الإبداع المتقن والربط السليم بالسياق.
