![]() |
من هو عمر بن الخطاب ويكبيديا Umar ibn al-Khattab ؟ |
من هو عمر بن الخطاب ويكبيديا Umar ibn al-Khattab :
أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، الملقب بالفاروق، هو ثاني الخلفاء الراشدين وأحد أبرز أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وُلِد في قريش واشتهر بعدله وقضائه الحكيم، مما أدى إلى تسميته بالفاروق، الذي يعني "المميز بين الحق والباطل"وهو من العشرة المبشرين بالجنة.
تولى الخلافة الإسلامية بعد وفاة أبي بكر الصديق، وكانت فترة حكمه مليئة بالنجاحات العسكرية والسياسية. وقد أسس نظامًا قضائيًا عادلًا وأدار الدولة بحنكة، مما سهم في ازدهار الإسلام وانتشاره.
من أبرز إنجازاته تقديمه للتقويم الهجري، الذي يُستخدم حتى يومنا هذا. وفي عهده، توسعت الدولة الإسلامية لتشمل أراضي واسعة، من العراق ومصر إلى الشام وفارس والعديد من المناطق الأخرى. ومن بين أهم انتصاراته، دخوله القدس لأول مرة تحت حكم المسلمين.
عمر بن الخطاب أظهر عبقريته العسكرية في حملاته المنظمة، ونجح في فتح الإمبراطورية الفارسية الساسانية والإمبراطورية البيزنطية. كما أظهرت قدرته السياسية والإدارية في الحفاظ على وحدة الدولة وتنظيمها، مما ساهم في استقرار وازدهار الأمة الإسلامية في تلك الفترة.
نسب عمر بن الخطاب:
عمر بن الخطاب، الذي ينتسب إلى قريش من قبيلة قرش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، كان ابن عم زيد بن عمرو بن نفيل، الذي كان موحدًا على دين إبراهيم وسبق عمر إلى الإسلام. وكان لديه أخ آخر يدعى زيد بن الخطاب الذي كان من الصحابة وسبق إلى الإسلام.
نسب أمه تعود إلى حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، وهي من قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وكانت ابنة عم لأم المؤمنين أم سلمة وكذلك للصحابيين خالد بن الوليد وعمرو بن هشام الملقب بأبي جهل. نسبها تتقاطع مع النبي محمد في كلاب بن مرة.
تتجلى من خلال هذه النسب والعلاقات العائلية تشابك العائلات والقبائل في تلك الفترة التاريخية، وكيف كانت عائلة عمر بن الخطاب مرتبطة بعدة شخصيات بارزة في الإسلام.
نشأت عمر بن الخطاب:
عمر بن الخطاب وُلِد بعد عام الفيل، بفارق ثلاث عشرة سنة عن مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. كانت منزلته في الجاهلية في أصل الجبل الذي يُعرف اليوم باسم جبل عمر، الذي كان يُعرف في الجاهلية باسم العاقر، وكان يحتوي على منازل بني عدي بن كعب.
نشأ عمر في قريش، وابتُعِد عن العديد منهم بفضل تحصيله للقراءة. عمل كراعي للإبل في صغره، وكان والده يتميز بغلظة معاملته. كان يقوم برعاية الإبل لوالده وخالاته من بني مخزوم. تعلم مهارات متنوعة مثل المصارعة وركوب الخيل والفروسية، وكذلك فن الشعر. حضر أسواق العرب ومنها سوق عكاظ وسوق مجنة وسوق ذي المجاز، حيث تعلم فنون التجارة ونجح فيها، مما جعله أحد أغنياء مكة.
في فصول الصيف، كان يغادر إلى بلاد الشام، بينما يتوجه إلى اليمن في الشتاء. كان عمر من أشراف قريش، وكان يُرسَل كسفير لقريش في المناسبات الدبلوماسية. كما كان يشغل دور السفير في حال نشوب حروب بين قريش وغيرهم. نشأ عمر في بيئة عربية جاهلية تتسم بالوثنية وتبع الدين والعادات القومية، وكان مغرمًا بالخمر والنساء، كما كان الحال مع كثير من أبناء قريش في تلك الفترة.
عداء عمر بن الخطاب للاسلام :
يتفق المؤرخون وعلماء الشريعة على أن النبي محمد بعث سنة 610م وهو في الأربعين من عمره، وكانت بداية الدعوة الإسلامية محصورة في دعوة سرية. بعد مضي ثلاث سنوات من بعثته، أُمِر النبي بالجهر في دعوته للناس للاعتناق الإسلام، مما أثار استياء القرشيين، خاصة بعدما بدأوا يشعرون بتقليل من قدر آلهتهم؛ هُبل واللات والعزى، وأصنامهم الأخرى.
كان عمر بن الخطاب واحدًا من ألد أعداء الإسلام في قريش وكان يُظهر عداءً شديدًا للمسلمين. كانت قسوته وقسوة قلبه واضحة في معاملته للمسلمين، حيث كان يعذب جاريته التي أسلمت، وكان يفرض عليها العذاب منذ الصباح حتى المساء، ثم يتركها في النهاية معلنًا: "والله ما تركتك إلا ملالةً"، وكان يتبع المسلمين بشكل عنيف، يخاف من دعوتهم ويجعلهم يفرون منه.
بعدما أمر النبي محمد بالهجرة إلى الحبشة، خشية عمر من تفتت أسس قريش وانهيار قوتها، فقرر التصدي لهذا الخطر عبر مؤامرة لاغتيال النبي. قرر أن يقدم نفسه لأسرة بني هاشم ليتم قتله، بهدف التخلص من التهديد الذي كان يشكله الإسلام على قريش.
اسلام عمر بن الخطاب :
وراء تلك القسوة والشدة التي كان يظهرها عمر بن الخطاب، كانت تكمن رقة نادرة. تحكي زوجة عامر بن ربيعة، حليف بني عدي، عن لحظة رؤيتها لعمر وهي تستعد للهجرة إلى الحبشة. عندما قال لها عمر كلمة، شعرت ببرقة عذبة في داخله، وشعرت بأنه قد يسلم، فقال لها: "صحبكم الله". لم تتردد زوجة عامر بن ربيعة في أن تخبر زوجها بما رأته من عمر. رد عليها زوجها بتساؤله: "أطمعت في إسلامه؟" فأجابت بنعم. ونظرًا للانطباع الأول السلبي الذي كان مترسخًا في ذهنه، رد عليها بعبارة: "فلا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب".
في تلك الفترة، كان عمر بن الخطاب يواجه صراعًا نفسيًا حادًا. حاك قلبه أفكارًا تجعله يشك في صحة مواقفهم وثباتهم على دين جديد. كان يرى أنهم يقرأون كلامًا غريبًا لم تسمعه قريش من قبل، وأن النبي محمد كان صادقًا وأمينًا، حتى أقر به أعداؤه. في الوقت نفسه، كان يعي أنه سفير قريش وقائد من قادتها، وأن الإسلام يمثل تحديًا لهذا الموقف الرفيع. قرر بقوة حسم هذا الصراع الداخلي من خلال التصدي للتهديد الذي كان يشكله الإسلام على قريش. كان يعتبر القضاء على محمد هو الحلا لتلك المشكلات، وقرر أن يضع حدًا لكل ما يؤرقه من خلال قتل النبي.
وفقًا لإحدى الروايات، أسلم عمر بن الخطاب بعد هجرة المسلمين إلى الحبشة، في السنة الخامسة للبعثة، أي في السنة السادسة للبعثة. وهناك رواية تشير إلى أن عمر أسلم قبل الهجرة إلى المدينة المنورة بقليل، في السنة الثالثة عشرة للبعثة. بعض المؤرخين يشير إلى أن عمر كان من آخر المهاجرين الذين أسلموا، حيث ذكروا أن عددهم لم يتجاوز 40 أو 45 رجلاً. وفي هذا السياق، تُرجح بعض الروايات أن عمر أسلم قبل الهجرة بقليل، وقد ألهمته آيات من سورة العنكبوت التي كان يقرأها في صلاته، وذلك قبل أن يغادر إلى المدينة المنورة.
قبل إسلام عمر وحمزة، كان المسلمون يخفون إيمانهم خوفًا من التعرض للأذى بسبب ضعفهم وغياب من يدافع عنهم. ولكن بعد إسلامهما، أصبح للمسلمين دعمٌ قوي من قبلهما، خاصةً أنهما كانا من أشد الرجال في قريش وأمنعها. كان عمر يظهر إسلامه بجرأة وبدون خوف، ولم يتردد في مواجهة قريش. حتى أثار استياءًا من رؤية المسلمين يصلون في شعاب مكة بعيدًا عن الأذى، فاقترح عمر على النبي أن يخرجوا ويطوفوا بالكعبة. وبهذه المناسبة، قال عمر: "فسماني رسول الله الفاروق يومئذ".
